الجمعة، 19 نوفمبر 2010

سر رحلة القهوة من الحبشة إلى البرازيل

سر رحلة القهوة من الحبشة إلى البرازيل

«شجرة القات» أزاحتها من الجبال اليمنية


3 قرون احتاج إليها البن لينتشر من الحبشة إلى أنحاء العالم («الشرق الأوسط»)

الرياض: فيصل آل مغثم
منذ مئات السنين، هيمنت القهوة على الكثير من عادات العالم وارتبطت بها، فكما ارتبطت بشكل رئيسي بعادات الضيافة والكرم لدى العرب، فهي أيضا مرتبطة بعادات وتقاليد اجتماعية لكثير من شعوب العالم، الأمر الذي عزز من حضور القهوة في شتى أصقاع المعمورة، على الرغم من التباين في طقوس احتسائها، وكيفية تحضيرها.
وحين تستمع إلى بعض العرب، وهم ينادون القهوة باسم «الشاذلية»، فلا تنكر هذه التسمية، فهذا الاسم لم يأت من فراغ، حيث يضرب بعيدا في جذور التاريخ، فتنسب هذه التسمية إلى أحد المتصوفين، من جماعة الطريقة الشاذلية، ويعرف باسم «عمر الشاذلي»، وتروي القصص أنه أول من نقل القهوة من الحبشة إلى اليمن، وكانت زراعة بن القهوة محصورة في جنوب غربي الحبشة، حيث أوصلها الشاذلي إلى اليمن وسميت باسمه.

وتشير المخطوطات القديمة إلى أن المتصوفين، ومنهم الشاذلي المتوفى في «موخا» باليمن، هم أول من نقل القهوة من الحبشة إلى اليمن في القرن الخامس عشر الميلادي، وذلك عبر ميناء «زيلع» اليمني، الذي كان نقطة وصل رئيسية للتجارة ما بين اليمن والحبشة.

الدكتور ميشيل توشيرير، مدير المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية في صنعاء، يسرد قصة أخرى حول نقل القهوة إلى اليمن، حيث يشير إلى شخص كان يدعى «ببهاني»، ورد ذكره في مخطوط «عمدة الصفوة في حل القهوة» لعبد القادري الجزيري الذي كان يتولى شؤون الحج في مصر في القرن السادس عشر، حيث يشير مخطوط الجزيري إلى أن «ببهاني» ولد في عدن، قبل أن ينتقل إلى الحبشة، ويعود إلى اليمن مرة أخرى محملا بالبن الحبشي، ولم يكن «ببهاني» الوحيد الذي ذكره الجزيري، لكن على كل حال فالجزيري يؤكد أن القهوة انتقلت عبر المتصوفين خلال النصف الأول من القرن الخامس عشر.

ويعتبر الدكتور توشيرير أن الدلائل المتوافرة لا تنفي احتمالية وصول القهوة إلى اليمن قبل القرن الخامس عشر، إلا أنه لا يوجد ما يثبت ذلك، حيث إن رسالة الجزيري كانت أقدم دليل في تاريخ انتقال القهوة من الحبشة إلى اليمن حتى الآن.

ولا توجد دلائل على طريقة استهلاك القهوة في فترة ما قبل وصول الإسلام إلى الحبشة، فمن المحتمل أن تكون حبوب البن كانت تستهلك عبر أكل الثمرة مباشرة، أو أكلها بعد تحميصها، إلى أن تغير الوضع بعد دخول الإسلام إلى الحبشة، وأصبحت القهوة تستخدم حسب الطريقة الصوفية، عبر تحميصها وطحنها ثم غليها، حيث كان الصوفية يحتسون القهوة لتمنحهم القدرة على السهر للتعبد.

وجاء أقدم ذكر للبن في وثيقتين اكتشفتا مؤخرا في «طور» بسيناء المصرية، وترجع إحداهما إلى عام 1497، وتعتبر أول وثيقة تثبت استهلاك القهوة في منطقة البحر الأحمر، الأمر الذي يتفق مع رسالة الجزيري، ويؤكد صحة كلامه.

الطرق الصوفية كالشاذلية والأحمدية وغيرها، لعبت دورا كبيرا في نشر القهوة في اليمن، وبحسب الرسومات في بعض المخطوطات القديمة، كانت القهوة تحضر في اليمن والحبشة في آنية فخارية شبيهة بالدلة، تعرف باسم «الجمنة».

وانتشرت القهوة بعد ذلك خارج اليمن، عبر موانئ الحديدة واللحية وموخا وعدن، ووصلت إلى مكة المكرمة عام 1490، ومن هناك بدأت في الانتشار بالطرق البحرية والبرية عبر الحجاج وطرق التجارة، فوصلت إلى مصر عام 1500، في فترة حكم السلطان المملوكي الغوري.

ونشر الطلاب القادمون من الحجاز واليمن عادة شرب القهوة في الأزهر عبر أوساط الطلاب، حيث قاموا بجلبها من بلدانهم، لتنتشر بعد ذلك في مصر.

وعند دخول السلطان سليم الأول مصر عام 1517، نقل القهوة إلى إسطنبول وأزمير، عبر ميناء الإسكندرية، واستدل توشيرير على ذلك بمخطوطة ضمت رسوما لرجل يعتقد أنه السلطان سليم، ويعود عمرها إلى عام 1520.

وانتشرت القهوة في تركيا في أوساط الخاصة، قبل أن تنتشر في أوساط العامة، ثم ظهرت مقاهي القهوة، وذلك في منتصف القرن السادس عشر، التي أثارت جدلا آنذاك، نظرا إلى كون بيوت القهوة يلتقي فيها خاصة الناس وعامتهم، وبحسب الدكتور توشيرير فإن السياسة العثمانية كانت تقوم في تلك الفترة على التفريق بين العامة والخاصة.

ونظرا إلى أن هذه البيوت تجمع بين كاتب السلطان، وصانع السوق، فهذا يتسبب في حدوث مشكلات سياسية، واستند بعض الفقهاء آنذاك على هذا المبدأ «لتحريم بيع وشرب القهوة».

ولم يكن التحريم مقتصرا على تركيا فحسب، بل طال عددا من البلدان الإسلامية آنذاك، وتنوعت أسباب التحريم، فإلى جانب تغيير الأسس الاجتماعية، ظهر سبب يقول إن «تحميص البن يتسبب في تحويله من مادة حية إلى مادة ميتة، لذا يحرم شربه، لأنه يأخذ حكم الميتة»، كما استدل بعض رجال الدين بتسمية القهوة على تحريمها، حيث كان اسم القهوة يطلق على «الخمر» في تلك الأزمنة.

تجار القهوة كانوا «يستتابون» في المحاكم العثمانية سابقا، وروت بعض المخطوطات القديمة أن أحد أصحاب الوكالات التجارية في مصر تم تجريمه بسبب بيعه للقهوة، وتعهد للسلطات العثمانية في مصر بعدم بيع القهوة مجددا، والطريف في الأمر أنه بمرور الوقت، أصبحت مقاهي القهوة وقفا للمساجد، وفقا لما أشارت إليه بعض المخطوطات القديمة.

وحتى منتصف القرن السادس عشر، كانت زراعة البن محصورة في «الحبشة»، وكل ما يصل إلى اليمن كان من إنتاج الحبشة، قبل أن تنتقل شجرة البن إلى اليمن، ليبدأ اليمن في مرحلة إنتاج البن، حتى وقتنا الراهن.

وتشير بعض الدراسات اليمنية إلى أن شجرة البن دخلت اليمن مع شجرة القات في آن واحد أواخر العقد الرابع من القرن السادس عشر، إلا أن توشيرير ينفي هذا الأمر، على اعتبار أن شجرة القات سبقت البن بفترة طويلة، طبقا لرؤيته.

ويميل الدكتور توشيرير إلى المصادر العثمانية التي تذكر أن الحاكم العثماني أزدمير باشا هو من نقل شجرة البن إلى اليمن، حيث ضم أزدمير باشا الحبشة ضمن الحكم العثماني في منتصف القرن السادس عشر، قبل أن يكون حاكما لليمن، وينقل الشجرة إلى اليمن في النصف الثاني من القرن السادس عشر.

بيئة اليمن الجبلية تصالحت مع شجرة البن، فأسهمت في رفع إنتاج بن القهوة، وأصبح اليمن المركز الرئيسي لإنتاج البن في العالم، حيث كانت تقدر كمية إنتاجه في القرن السابع عشر من عشرين إلى ثلاثين ألف طن سنويا، الأمر الذي عزز دور اليمن الاقتصادي في تلك الحقبة الزمنية، كما كانت تجارة البن ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد العثماني.

وتوسعت شبكات تجارة البن أواخر القرن السادس عشر من اليمن عبر الحجاز وصولا إلى الإسكندرية وإسطنبول والأناضول والبلقان والمغرب العربي، في الوقت الذي كان فيه الحكم العثماني يهيمن على رقعة واسعة من المناطق في حوض البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر.

وكما انتشر البن من اليمن بحرا عبر موانئ الحديدة واللحية وموخا، إلى جدة والإسكندرية وإسطنبول، انتشر كذلك برا، وذلك عن طريق الحجاج الذين نقلوه من مكة المكرمة إلى دمشق فحلب، وأيضا عن طريق ميناء القطيف إلى الأحساء ونجد، وعن طريق البصرة إلى شمال العراق.

ويشير الدكتور توشيرير إلى أن تجار اليمن نقلوا البن بحرا عبر ميناء عدن وميناء موخا، إلى بلاد فارس والهند وإلى إندونيسيا وجاوا، كما أسهم الحجاج في عملية النقل، وذلك في أواخر القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر، بخلاف الدراسات التي أشارت إلى أن الهولنديين أسهموا في نقله من اليمن إلى مستعمراتهم القديمة في جنوب وشرق آسيا في القرن الثامن عشر.

وبعد انتشار القهوة في تركيا، دخلت القهوة من تركيا إلى أنحاء أوروبا، وأصبحت تباع في شوارع باريس، وثبت أن القهوة كانت موجودة في فينيسيا عام 1620، ثم شوهدت في مرسيليا عام 1640، لتظهر سوق جديدة للبن في أوروبا الغربية في النصف الثاني من القرن السابع عشر.

وحتى تلك الفترة، كان الأوروبيون مضطرين إلى شراء البن عبر الموانئ العثمانية في البحر الأبيض المتوسط، قبل أن يقوم الهولنديون بشراء القهوة مباشرة من ميناءي موخا وعدن، تبعهم الإنجليز فالفرنسيون، وذلك في أواخر القرن السابع عشر، ليقوموا بعد ذلك بنقل زراعة القهوة إلى مستعمراتهم في إندونيسيا والهند وجاوا والجزر الفرنسية في المحيط الهندي.

بعد ذلك، كفل الفرنسيون في بداية القرن الثامن عشر نقل شجرة البن إلى أميركا، عبر جزر المارتينيك، وانتشرت حينئذ في أنحاء القارة الأميركية، لتصل بعد ذلك إلى البرازيل، الأمر الذي أفقد اليمن دوره الرئيسي في إنتاج البن، فبعد أن كان اليمن ينتج ما يصل إلى 30 ألف طن سنويا قبل أربعة قرون، انحدرت هذه الكمية في الوقت الراهن إلى ما لا يتجاوز 7 آلاف طن سنويا، بعد منافسة شديدة مع شجرة القات، تغلبت فيها الأخيرة لتحل في جزء كبير من جبال اليمن.

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني واخواتي الاعزاء في المنتدى
ما اصدق ان يكون لدوله مثل اثيوبيا هذا التاريخ العريق من كونها اول بلد افريقي دخله الاسلام بل واحتضن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في وقت ضيقه حين شددو الحصار عليه في مكه وضيقو عليه الخناق فذهب الي الحبشة بامر من الله
في ها منابع النيل في فيها خضره جمال جبال طبيعه رخص امان اسلام لغه عربيه
فيها كل مقومات السياحه الجميله وقريبه من وطننا العربي والخليج خاصه
عموما اليكم بعض المعلومات عن هذا البلد وارجو منكم التفاعل مع الموضوع
حتى يكون في منتدانا جواب لكل سؤال وسفير في كل بلد
وشكرا


اثيوبيا

(اثيوبيا) تسمية يونانية اطلقها المؤرخ اليوناني (هيروتيدروس) على جزء من بلاد النوبة لم تصل اليه امبراطورية الاحباش في يوم من الايام. وتعني اثيوبيا باليونانية القديمة (ذوو الوجوه المحروقة) او السود ، ولقد استُعمِل هذا الاسم واطلق على اثيوبيا الحديثة في عهد الملك (منليك الثاني) الذي كان ينفر من الحبشة التي لها علاقة بواقع المنطقة التاريخي ، حيث تشير المصادر الى ان هذه المنطقة حُكمت من قِبل ملوك اليمن في سبأ. وفي حكاية ان مدينة (صبا) الواقعة اليوم بالقرب من مدينة أكسوم الحالية كانت مركزاً لحكومة بلقيس التي كانت تحكم كلاً من الحبشة واليمن.

والزنوج هم سكان المنطقة الاصليين ، لكنهم طردوا منها على يد الحاميين ونزحوا نحو الجنوب حيث يعيش اليوم عدد كبير منهم في الجنوب الغربي، ثم ان سكان الجزيرة العربية الساميين انتقلوا عبر البحر الى هذه البلاد وسيطروا على الحاميين وفرضوا عليهم لغتهم وعاداتهم وأختلطوا بهم وتزاوجوا معهم ، فنشأ عرق جديد فيما بعد سمي (الحبش) وتعني في احدى اللغات المحلية (المختلط).

وأثيوبيا ، هي الارض الاولى التي وطأتها اقدام المسلمين ، وتعرفت على هذا الدين العظيم قبل ان ينتشر في الجزيرة العربية. وأولئك المهاجرون الاوائل هم اول من أستقر من المسلمين في تلك البلاد ، وتوطّن ونشر الاسلام في تلك الربوع، حتى أن ملكها (أصحمة النجاشي) وعدداً من أصحابه دخلوا الاسلام وكتموا أمرهم خوفاً من تعصب البلاط النصراني. ولاقتراب المنطقة من الاراضي الاسلامية المقدسة ، كان تأثير الاسلام عليها واضحاً. وقد ساعد هذا القرب الجغرافي على انتشار الاسلام في المنطقة ، خاصة سواحل البحر الاحمر ، حيث حركة التبادل التجاري مع سكان الجزيرة العربية. وفي اوائل القرن الثاني للهجرة دخل الاسلام القارة الافريقية عن طريق الدعاة القادمين من الجزيرة العربية عبر البحر الاحمر، حيث نزلوا في ميناء زيلع في القرن الافريقي، وازداد انتشار وتعاظم عدد المسلمين في القرن الخامس الهجري، حيث اسس المسلمون دولتهم في هذه ا لمنطقة واتخذوا من مدينة هرر عاصمة لهم.

ولقد توغل المسلمون بعد ذلك في الاراضي الاثيوبية وكان معظمهم من الدعاة التجار الذين ينتمون الى القبائل النازحة من الجزيرة العربية. أما في العصر العباسي ، فقد هاجرت مجموعات مضطهدة من انصار أهل البيت (ع) الى تلك الارض واستطاعت ان تنقل القبائل الاثيوبية الوثنية الى الاسلام وساعدت على انهاء الصراعات القبلية، ومنذ ذلك الحين انفصلت أرتيريا عن اثيوبيا وحكمت بالاسلام كما هو شأن الاراضي الصومالية.

لكنّ وعورة الاراضي الجبلية الاثيوبية وصعوبة اجتيازها شكلت عاملاً من عوامل عدم انتشار الاسلام بسهولة فيها. كما هو شأن الاراضي المنخفضة والسهول كاليتجراي وهرر.

وكان لسيطرة المسلمين على الطرق التجارية المهمة اثر كبير في انتشار الاسلام ، خاصة بعد فتحهم منطقة ( زيلع ) وأشرافهم منها على طريق هرر التجاري المهم. ثمّ انشأوا على هذا الطريق المؤدي الى قلب الحبشة امارات وممالك صغيرة ، مثل زفات، أدل، موده، جداية، وغيرها جنوبي نهر (هوش). وفي القرن العاشر الهجري ، ازداد قلق المسيحيين والاحباش من انتشار الاسلام فبعثوا برسائل الى كل من الفاتيكان وبريطانيا وروسيا واسبانيا يطلبون فيها تزويد المسيحيين بالسلاح لايقاف الزحف الاسلامي وابادته، مدعين بأنهم محاصرون ببحر اسلامي يهدد كيان المسيحية في البلاد.

بدأ الاحباش حربهم الغادرة على امارة هرر الاسلامية ووصلوا الى مشارفها فتصدى لهم الامام الفاتح احمد ابراهيم وردهم على اعقابهم ، ثم اعدّ لهم جيشاً قوياً وزحف بجيشه هذا حتى وصل مدينة اكسوم عاصمتهم آنذاك ، وحكم البلاد زهاء 16 سنة ، نشر فيها الاسلام حتى وصلت نسبة المسلمين فيها ا لى 90% . وانتشر الاسلام كذلك بين قبائل (سلامة) الحبشية المستقرة وما حولها من قبائل البدو، كذلك دخل ملوك بلاد (كوشي) في الاسلام واصبحت مدينة هرر في مملكة (دوارة) مركزاً من المراكز الاسلامية المهمة، والتي كانت في اوج تطورها واستقرارها منطلقاً للأشعاع الفكري، حيث شهدت حركة فكرية اسلامية واسعة بنيت خلالها المساجد ومدارس اللغة العربية والعلوم الاسلامية، وكان فيها ما يقرب (90) مسجداً لا تزال باقية حتى اليوم شاهدة على عظمة الاسلام ونفوذه، وكما كان معظم الدعاة من اليمن والجزيرة العربية ومصر، ومن مدينة هرر هذه انطلقت الحركات الجهادية التي كانت تدعو الى توحيد المسلمين في تلك الارض تحت راية واحدة لتشكيل الدولة الاسلامية الافريقية الكبرى. وكان من اهم هذه الحركات حركة الامام احمد ابراهيم الفرّان الجرافي، امير هرر، الذي ما ان تعرضت امارته لهجوم الصليبيين حتى دعى الى الجهاد الشامل وذلك سنة 1527م لدرء الخطر عن الامارة وفتح البلاد الوثنية والنصرانية.

واصل الامام احمد الزحف بجيوشه حتى فتج أثيوبيا كلها، ووصلت جيوشه الى منطقة التاكا السودانية وسيطرة على مساحات شاسعة من اراضي افريقيا الوسطى والشرقية ولولا تدخل الغرب الصليبي ممثلاً بالبرتغاليين الذين كانوا يجوبون سواحل المنطقة وبحارها بأساطيلهم الحربية وسلاحهم الناري المتطور حين استنجدت بهم الكنيسة النصرانية، فتمكنوا من ايقاف زحف المسلمين وخاض المسلمون معارك دامية ومدمرة استشهد خلالها الامام احمد عام 1537 وتفرقت جيوشه وطويت باستشهاده صفحة مشرقة من تاريخ المسلمون. وبقيت هرر بعد استشهاده بمدارسها ومساجدها مركز نشر الاسلام ودعوته بين القبائل هناك. وكان لمجيء الحملة المصرية بقيادة رؤوف باشا عام 1875م ابان حكم الامبراطور النصراني يوحنا – الذي كان شديد البطش بالمسلمين والتعصب للنصرانية – اثر كبير في دخول المزيد من قبائل الاورومو في الاسلام وانتشار الدين بشكل واسع هناك، خاصة بعد سيطرة المصريين على زيلع وبربرا وهرر. لكن قيام الثورة المهدية في السودان وانسحاب الحاميات المصرية من المنطقة ادى الى اضعاف امارة هرر، خاصة بعد ان لحقت بالجيش المصري هزائم متكررة من قبل جيوش الحبشة بقيادة (منليك) الذي اصبح امبراطوراً للحبشة بعد يوحنا. فسقطت الامارة وهزم اميرها عبد الله علي عبد الشكور امام جيوش منليك النصراني.

ولا يزال المسلمون يشكلون الاكثرية بين سكان اثيوبيا الذي يبلغ 60 مليون نسمة ففي العاصمة اديس ابابا وحدها تتراوح نسبة المسلمين من 30 الى 36% من مجموع السكان ولا زالت اللغة العربية الرسمية في خمسة ولايات من بين ثلاث عشرة ولاية. والمسلمون هناك فئتين : الاولى ، وهي اقلية من اصحاب الاموال والجاه والنفوذ ، والثانية وهي الغالبة فقيرة من الرعاة والمزارعين. وللمسلمين هناك مجلساً يتولى ادارة شؤونهم الدينية حيث يشرف على (160) مدرسة و (17) مسجداً.

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010




د.عبدالعزيز القاسم اعلامي و كاتب


تعلل مرافقنا الجميل الحاج سلطان ببعد المسافة إلى مدينة النجاشي، وعدم توفر حجوزات طيران في تلك الفترة، فأجبته بأنه لا يجوز لي أن آتي الحبشة ولا أزور الملك الصالح النجاشي أصحمة، والذي صلى عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب عند موته، وهو الذي ضاف المهاجرين الأوائل. وأصررت ولو على الذهاب وحدي إلى تلك المدينة القابعة في الشمال من بلاد الحبشة.
وفعلا بعد معاناة ولأي ، استطعنا الظفر بتذكرتين، إلى مدينة مقلي ومن عجب أن الطائرة ( ذات المروحتين من طراز فوكر 50 ) كانت خلوا من المقاعد ونحن الذين تعبنا في الحصول على تذاكر، ما جعلني أتذكر العزيزة (خطوطنا السعودية ) وأتمتم بأن هذا حال كل طيران العالم الثالث.
وبعد طيران ساعة ونصف، عبر أجواز نغالب فيها السحب الدكناء، وهدير المروحتين في أذني تزيد من رجفان القلب، وتفيض علينا هلعا فوق هلع وصلنا مدينة ( مقلي ) ، ووجدتها ذات تخطيط جيد، وهندسة شوارعها أفضل من غيرها من المدن الأثيوبية الأخرى التي تذكرك بمدننا في الثمانينيات الهجرية.
كانت هذه المدينة ذات تحضر ومدنية نوعا ما ، وعندما سألت بعض سكان تلك البلدة عن سبب ذلك ، أجابوني بأن معظم المسئولين في تلك البلاد من أهل تلك المدينة فضلا على أنها قريبا من اريتريا، ما يعني ان ثقافة اهلها على مستوى أعلى من غيرها.
من الأشياء التي استرعت انتباهي، لهجة أهل هذه المدينة، استمتعت واستمتعت بلغتهم، فقد كانت أقرب كثيرا لأذني العربية، لاكتشف أنها لهجة (تجرينية) ، والحبشة بما يقول لي مرافقي تحوي على أكثر من 80 لغة كل لهجة تختلف تماما عن مثيلاتها.































الإسلام والحبشة


وخشية أن نفقد الوقت، آثرت - بعد هذه الرحلة المرعبة على مثلي – عدم الراحة والبدء فورا بالرحلة إلى قرية النجاشي التي بها قبره، فاستأجرنا حافلة للذهاب إلى هناك. وبالمناسبة فإن لقب النجاشي خاص بملوك الحبشة، بمثل ما هو لقب كسرى خاص بملوك الفرس ولقب قيصر خاص بملوك الروم.
وفي أثناء الطريق إلى القرية، جال بخاطري كيفية دخول الإسلام إلى هذه الربوع، وعندما عدت لكتاب (الإسلام والحبشة عبر التاريخ) للمهندس المصري فتحي غيث، والذي كان سميري في طوال الرحلة، ألفيت أن ثمة صلات قوية بين ضفتي البحر الأحمر، الأحباش من الغرب وسكان الجزيرة العربية من الشرق، وثمة هجرات وخصوصا من اليمن تجاه الحبشة، ويحكي التاريخ أن إمبراطور الدولة الرومانية استنجد بملك الحبشة كي يحمي مسيحي اليمن على يد أبي نواس اليهودي، وكيف تم ذلك على يد القائد ارياط، ثم انقلب عليه أبرهة ليأخذ القيادة منه.حتى جاء الفرس وأجلوا الأحباش عن اليمن.
يحكي ابن هشام في سيرته أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى ما أصاب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانة من الله ومن عمه أبو طالب وأنه لا يقدر أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، قال لهم : لو خرجتم إلى أرض الحبشة فان بها ملكا لا يظلم عنده احد ، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه. فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة، وفرارا إلى الله بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام.
ويذكر المؤرخون بأن ذلك في العام 615 للميلاد السنة الخامسة بعد النبوة.

الأحد، 4 يوليو 2010

القران اتخذ اسم مصحف عن اللغة الحبشية

اكد الباحث المصري استاذ اللغات الشرقية في جامعة القاهرة مجدي عبد الرازق في مؤتمر التواصل التراثي الذي ينظمه مركز المخطوطات في مكتبة الاسكندرية ان تسمية القرآن ب"المصحف" أتت من اللغة الحبشية، وهي تعني الكتاب.

واستند عبد الرازق الى الامام جلال الدين السيوطي (القرن السادس عشر) قائلا ان "العرب عندما قرروا ان يسموا القرآن، قال بعضهم سموه انجيلا فكرهوه، فقال بعضهم سموه سفرا فكرهوه (...) فقال ابن مسعود رأيت بالحبشة كتابا يدعونه المصحف، فسموه به".

واضاف "الصحف عند العرب قبل كتابة المصحف لم تكن سوى ما يكتب فيه ويشبه الورق في زمننا الحالي، من اكتاف (العظام العريضة) وعسب (من جريد النخل) وكانت تعني ايضا الرسالة".

وأوضح ان "الاشتقاق في اللغة الحبشية اكثر وضوحا وبيانا حيث نجده في فعل وفاعل ومفعول به، وهو الاقرب لمفهوم المصحف (...) فيكون اشتقاق اسم القرآن +المصحف+ جاء من الحبشية".

واشار الباحث الى ان هناك الكثير من المفردات الحبشية دخلت لغة القرآن واشار الى اصولها، الى جانب اجراء مقارنات مع شبيهات لها في العربية وصولا الى البرهنة على ان اصلها يعود الى اللغة الحبشية القديمة.

ومن بين هذه الكلمات "الحواريون" وهم تلامذة السيد المسيح، وهي تأتي هنا بمعنى تبعه، وسار وراءه، والتحق به. واثبت الباحث بعد مقارنات مع مفردات عربية مثل "حور" التي تعني الرجوع ولا تعني التبعية والسير على خلفية، "ان الكلمة أقرب للكلمة الحبشية +حواريون+ بالمعنى المسيحي للكلمة اي اتباع المسيح وتلامذته، وهي هنا بمعنى أتباع ومشاة على نفس الرؤية والمنهج".

وبحسب الباحث فان كلمة "فطر" الحبشية التي تشير الى معنى الخلق هي الكلمة التي أخذها القرآن عن الاحباش، وليست كلمة "فطر" العربية التي تعني الشق والانشقاق، مثل فطر الشيء أي شقه، وتفطرت الارض بالنبتات اي انشقت عنها، وهي كلمة لم تعرفها اللهجة القرشية ولم يعرفها (عبد الله) ابن عباس وهو من كبار العارفين باللغة.

واوضح عبد الرازق ان "هناك كلمات وردت في الاحاديث النبوية مأخوذة عن الحبشية مثل الحديث النبوي +ولا تناجشوا ولاتدابروا+. فالتناجش تعني في البيع ان يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ولكن ليسمعه غيره فيزيد على زبائنه".

ورأى ان "هذه الكلمة تم أخذها عن الحبشية فهي تعني المزايدة على الحكم وان كلمة النجاشي ايضا هي اسم ملك الحبشة".

مدخل إلى الوشائج اللغوية بين الحبشية والعربية بقلم الاستاذ (عبد المنعم عجب الفيا )

مدخل إلى الوشائج اللغوية بين الحبشية والعربية بقلم الاستاذ (عبد المنعم عجب الفيا )

سألت محدثي الأثيوبي ، إذا أردت أن أسأل شخص عن اسمه ، فماذا أقول باللغة الأمهرية ؟
فأجاب : سمك مانو ؟
قلت له : لا أنا أقصد باللغة الأمهرية لا العربية ا
فرد على الفور : نعم بالأمهرية :
-- سمك مانو ؟ = Simk mannu

فلما رأى علامات الدهشة على وجهي ، قال لماذا ؟ قلت له لا شئ. نحن أيضا نقول في اللغة العربية ، اسمك منو ؟ااا


لقد كان هذا السؤال دافعا قويا لي لمعرفة المزيد عن اللغات الحبشية
وعلاقتها باللغة العربية . كنت أظن قبل ذلك أن الأمر لا يعدو أن يكون
كلمات حبشية قليلة قيل وردت في القرآن مثل : صحف ومنها جاءت كلمة مصحف
ومثل مشكاة وكلفين وبرهان وحوارى ونفاق . ثم عرفت بعد ذلك من خلال
مطالعاتي في فقه اللغة إن هنالك فرعا في اللغات يسمى مجموعة اللغات
السامية وهي العربية والحبشية والعبرية والآرمية والسيريانية ,والأشورية
البابلية وأن هذه اللغات ذات أصل واحد هو اللغة السامية نسبة إلى سام بن
نوح . ولكنى لم أكن أتصور أن العلاقة بين اللغة العربية والحبشية إلى هذه
الدرجة من القرب . إن الذي لا يعرف حقيقة الأصل الواحد الذي تنتمى إليه
العربية والحبشية سيظن أول الأمر أن الحبشية أخذت من العربية عن طريق
التأثير والتأثر والاستلاف الذي يحدث عادة بين لغات العالم . لكن الحقيقة
على غير ذلك فهذا القرب والتشابه سببه وحدة الأصل التي تجمع بين اللغتين .


أن العلاقة بين العربية والحبشية لا تقف في حدود الاشتراك في
الألفاظ والكلمات وإنما تتعدى ذلك إلى التركيب النحوي للكلام وطريقة تصريف
الأفعال والتطابق في الضمائر المنفصلة والمتصلة وطريقة اتصالها بالأفعال
والأسماء .

وتعرف اللغة الحبشية القديمة باللغة الجعزية أو
الجئزية – قلبت العين همزة في اللغات الحبشية الحديثة – ومن الجعزية تفرعت
التقرنيا والتقرى والأمهرا وبقية اللهجات الحبشية . والجعزية بمثابة اللغة
الكلاسيكية للحبشة شأنها شأن اللغة العربية المكتوبة . وقد كتب بها الكتاب
المقدس الحبشي – مترجما عن اليونانية منذ القرن الخامس الميلادي . ويرى
بعض المؤرخين وفقهاء اللغة أن الجعزية تفرعت عن لغة حمير وسبأ ممالك اليمن
القديم وأن الخط الحبشي مأخوذ من الخط الحميرى . بينما يرى آخرون أن
الحبشة هي أصل الأقوام السامية ومنها تسللوا إلى اليمن ثم شمال جزيرة
العرب وبلاد ما بين الرافدين وبلاد الشام . وقد استعمرت الحبشة اليمن قبيل
الإسلام لمدة خمس وسبعين سنة وكادت أن تحتل الحجاز في عام الفيل . وكان
تدخل الحبشة في اليمن بغرض نصرة نصارى اليمن المعروفين بأصحاب الأخدود
الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم . ولا شك أن حكم الحبشة لليمن طيلة هذه
المدة أدى إلى تسرب العديد من الكلمات الحبشية إلى اللغة العربية . فلا
عجب أن وردت بعض الكلمات ذات الأصل الحبشي في الـقرآن .

كانت
حروف ( أصوات ) الأبجدية الجعزية هي نفس حروف الأبجدية المعروفة في لغة
الكتابة العربية . ثم بمرور الزمن أبدلت بعض الحروف في الجعزية . فقلبت
الغين إلى عين ثم قلبت العين إلى همزة في اللغات الحبشية الحديثة . وأبدلت
الخاء إلى حاء ثم قلبت الحاء في الأمهرية إلى هاء .

الضمائر المنفصلة كانت ولا زالت هي ذات الضمائر المعروفة في العربية المكتوبة مع بعض الاختلاف في بعضها :
أنا ، أنت ، أنت ، نحنا ، انتموا ، انتن ، ايمنتوا وأيتن ( للغائبات ) .

ويتو ( للغائب ) تقابل هو ، في العربية ، يتى ( للغائبة ) تقابل هي ، في
العربية . وعليه يمكن أن يكون السؤال عن الاسم بالأمهرية كالآتي :
- أنت سمك مانو ؟ = أنت اسمك من ؟
- أنا سمى عبده = أنا أسمى عبده

أما الضمائر المتصلة بالأسماء مثل كاف المخاطب المفرد المذكر فهي هي
في
الحبشية . إلا أن كاف المخاطب المفرد تتحول إلى شين في حالة المخاطب
المؤنث . حيث أن صيغة السؤال : سمك مانو ؟ تتحول في المفرد المؤنث إلى :

سميش مانو ؟ Simish mannu ?

وكانت
قبائل ربيعة ومضر العربية تقلب كاف المخاطب المؤنث إلى جيم وشين أيضا مثل
في منج وعليج أو منيش وعليش بدل ( مـنك ) و ( علـيك ) ولا زال أهل الخليج
يفعلون ذلك . وقيل أن بيت الشعر التالي كان قد قاله صاحبه كالآتي :

عيناش عيناها وجيدش جيدها
ولكن عظم الساق منش رقيق

وأيضا يقرأ هذا البيت باللهجة الخليجية كالآتي :

عيناج عيناها وجيدج جيدها
ولكن عظم الساق منج رقيق

كذلك
لا خلاف في تصريف الأفعال بين الحبشية والعربية . فمثلا كلمـة : ( مناقر )
تعنى في الأمهرية ، الكلام . لاحظ علاقة ذلك بالمناقرة السودانية ومنقار
العربية ومنها نقر ، ينقر . وتصريف الفعل من كلمة مناقر الأمهرية يكون
كالآتي :

تناقر : تكلم ، وتناقرى : تكلمي ، وتناقروا ، تكلموا . ويناقر : يتكلم والماضي ناقر بفتح آخره : تكلم وانتهى .

يصحف
بالتقرينا تعنى يكتب . ومصحف تعنى كتاب مطلقا . أما الكتاب فهو الكتاب
المقدس الحبشي . لاحظ أن الوصف الوارد للمصحف الشريف في القرآن هو الكتاب
.

فإذا أردنا أن نصرف الفعل من مصحف الحبشية نقول : يصحف ، تصحف ، تصفحى ، تصفحوا .

كذلك
بلع تعنى في الأمهرا والتقرينا : الأكل وتصريفها يبلع ، تبلع ، تبلعـوا ،
تبلعي . مع ملاحظة وجود بعض الاختلاف عند دخول الضمير المتصل على الفعل في
الأمهرية . فتبلع أو يبلع في صيغة المضارع تصبح في الأمهرية الحديثة تبلا
ليه يعنى قاعد يأكل ، قلبت العين ألفا وأضيفت ( ليه ) للدلالة على الضمير
المخاطب . ولتوضيح هذه الصيغة أكثر نضرب مثال آخر بأحب الكلمات وهي : ( ود
) وتعنى نفس المعنى في العربية أو تحديدا تعنى ( الريد ) السودانيـة .
وكلمة ( فكر ) وتعنى في الأمهرية : حب ، ويكون تصريفهما كالآتـي :

اني افكر هالو : تعنى أنا أحبك في الأمهرية ( للمخاطب المذكر )
اني افكر شالو: تعنى أنا أحبك ( للمخاطب المفرد المؤنث )
ودى شالو : أريدك ( للمؤنث )
ودى هالو : أريدك ( للمذكر )

لاحظ أن كاف الخطاب العربية تحولت هنا في الأمهرية إلى ( ها ) في حالة المذكر وإلى ( شا ) في حالة المخاطب المؤنث .

أما
( لو ) فهي للدلالة على المضارعة أو استمرارية الفعل . والواو الأخيرة بدل
الضمة التي تدل علي المضارع المجرد في العربية . ومن ذلك أيضا أن جملة -
أنا أمشي إلى الدكان تقابلها في الأمهرية : سوق أهيدالو . سوق تعنى دكان .
والفعل المجرد من ذهب أو مشى أو سار هو : ( هيد ) ومر بنا أول هذا الكلام
أن الخاء أبدلت في الحبشية الحديثة إلى حاء والحاء قلبت أخيرا هاء .
وبالتالي يمكن القول بناء على ذلك أن جذر كلمة ( هيد ) بمعنى ذهب الأمهرية
هو في الأصل الجعزى ( خيد ) أو ( حيد ) وأن خيد في الأصل ( خاض ) للابدال
الذي يحدث بين الدال والضاد والياء من حروف العلة التي تنوب عن بعضها
عـادة . وأن ( حيد ) أصلها حاد ، من حاد يحيد ومنها حود يحود السودانية .
والله أعلم .

ومن حيث الاشتراك في الألفاظ الدالة على الأسماء فنجد أن أغلب اجزاء الجسم مشتركة بين العربية والحبشية ومن ذلك مثلا :

رأس – عين – إذن – سن – إيد
لب : تعنى قلب في كل من الأمهرية والتقرينا ولب كلمة معروفة في العربية وتعني قلب الشئ .
قمبر : تعنى جبهة والقمبر أو القمبور معروف في العربية .
إقر : رجل وفي الجعزية رجر قلبت اللام العربية إلى راء .
قرورو: حنجرة لاحظ علاقتها بالقرقرة .
إنقد : رقبة وأصلها عنق أبدلت الهمزة عينا وزيدت الدال .
أفنجا : أنف .

ومن حيث أسماء الأقارب :

أم : بالفتح ( في التقرينا )
أبت : أب ( الأمهرا ) لاحظ في العربية أبتى .
أهت : في الأمهرا تعنى أخت أبدلت الخاء حاء ثم أبدلت الحاء هاء .
ست : بنت ، فتاة ( أمهرا )
ود : ولد ، صبي ، فتى ( تقرينا )

وهنالك اشتراك في أسماء الموجودات الأقدم والحيوية :
ماء : ماى في ( التقرينا ) . بحر ، بحر ، يم : يم في الجعزية .
سماء : سماى ، أرض : مدر ، والمدر في العربية الطين .
ليل : ليلت ، سنة : عمت أو أمت وهى عام في العربية .
اسبوع : سمون ( أمهرا ) وسمنت ( تقراى )


جذر الكلمة هو السين والباء التي قلبت ميما كما يحدث أحيانا في العربيـة (
مكة وبكة ) ولفظ أسبوع مشتق من العدد سبعة الذي له نفس النطق في الحبشية
كما سيتضح لنا بعد قليل .

ونختم هذا المدخل بالحديث عن الأعداد في الحبشية والعربية .

الأعداد من واحد إلى عشرة في الحبشية القديمة - الجعزية هي كالآتي :


1- أحدو ( للمذكر ) وأحدتى ( للمؤنث )
2- كلي : بإمالة الياء ، وتقابل كلا في العربية .
3- سلاس ( للمذكر ) وسلاستو ( للمؤنث )
4- أربع ، أربعتو
5- خمس ، خمستو
6- سيسو ، سيد ستو
7- سبو ، سبعتو
8- ثمانى ، ثمنتو
9- تسو ، تسعتو
10- عشرو ، عشرتو

( أنظر فقه اللغات السامية – بروكلمان )

أما الأعداد من واحد إلى عشرة في الأمهرية الحديثة فهي كالآتي :
اند – هولت – سوست – آرات – آمست – سيدست – سبست – ثمنت – زاتنــج – أسر .

وفي التقرينا كالآتي :

حادى – كلتيه – ثلثتى – أربعتى – حمستى – شد شتى – شوعرتى – شومانتى – تجعتى – عسرتى .

العشرات من عشرين إلى مائة في كل من الأمهرية والتقرينا كالآتي :

عشرون : ( هيا ) بالأمهرية ، و ( عشرى ) بالكسر على وزن بشرى في التقرينـا .

ثلاثون : ثلاثة ، أربعون : أربعة
خمسون : خمسة ، ستون : سوسة
سبعون : سبعة ، ثمانون : ثمانية
تسعون : تسعة
ميه : ميتن ( تقراى ) و ( موتو ) بالأمهرية .

ثلاثة وثلاثون : ثلاثن ثلثتن .
اربعة وأربعون : أربعن أربعتن . وهكذا .

هذه
مجرد أمثلة قصدنا منها أن تكون مدخلا فقط . والغريق إلى قدام كما يقولون ،
نتمنى أن نخوض غماره في مقبل الأيام القادمات ان شاء الله .




المراجع والمصادر

1- مقابلات شخصية مع بعض الأخوة الأثيوبيين من الأمهرا والتقراى ، وإختيار الأمثلة وتحليلاتها من عندنا .

2-
فقه اللغات السامية – تأليف المستشرق الألماني كارل بروكلمان – ترجمة
د.رمضان عبد التواب استاذ العلوم اللغوية بكلية الآداب بجامعة عين شمس –
1977م – مطبعة جامعة الرياض .

3- الحضارات السامية القديمة – سبتينو موسكاتي – ترجمة الدكتور السيد يعقوب بكر – دار الرقى – بيروت – 1986م .

4- العرب قبل الاسلام – جرجى زيدان – مكتبة الحياة – بيروت .

5- الفلسفة اللغوية وتاريخ اللغة العربية – جرجى زيدان – دار الحداثه – بيروت – 1987م ( طبع الجزء الأول من الكتاب لأول مرة 1886م )

6- المزهر في علوم اللغة – جلال الدين السيوطى – الجزء الأول

إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة

إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة » كتاب الملاحم » باب النهي عن تهييج الترك والحبشة


باب


النهي عن تهييج الترك والحبشة

عن أبي سكينة (رجل من المحررين) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: سنن النسائي الْجِهَادِ (3176) ، سنن أبي داود الْمَلَاحِمِ (4302). دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم .

رواه: أبو داود، والنسائي .

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: سنن أبي داود الملاحم (4309) ، مسند أحمد (5/371). اتركوا الحبشة ما تركوكم؛ فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة .

رواه: أبو داود، والحاكم، وقال: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".


وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف؛ قال: سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سنن أبي داود الملاحم (4309) ، مسند أحمد (5/371). اتركوا الحبشة ما تركوكم؛ فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة . رواه: الإمام أحمد، ورجاله رجال الصحيح؛ غير موسى بن جبير، وهو ثقة.

وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التحميل جاري.... اتركوا الترك ما تركوكم .

[ ج- 1][ص-382] رواه الطبراني . قال الهيثمي : "وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات".

وعن عمر رضي الله عنه: أنه قال: لا يوجد تخريج لهذا المتناتركوا هذه الفطح الوجوه ما تركوكم، فوالله لوددت أن بيننا وبينهم بحرًا لا يطاق .

رواه ابن أبي شيبة .

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التحميل جاري.... اتركوا الترك ما تركوكم؛ فإن أول من يسلب أمتي ملكهم وما خولهم الله بنو قنطوراء .

رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط". قال الهيثمي : "وفيه عثمان بن يحيى القرقساني، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".

وقد وقع مصداق هذا الحديث والأحاديث المذكورة في الباب قبله.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "وقد كان مشهورا في زمن الصحابة رضي الله عنهم حديث: التحميل جاري.... اتركوا الترك ما تركوكم ، فروى الطبراني من حديث معاوية رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله.

وقاتل المسلمون الترك في خلافة بني أمية، وكان ما بينهم وبين المسلمين مسدودا، إلى أن فتح ذلك شيئا بعد شيء، وكثر السبي منهم، وتنافس الملوك فيهم؛ لما فيهم من الشدة والبأس، حتى كان أكثر عسكر المعتصم منهم، ثم غلب الأتراك على الملك، فقتلوا ابنه المتوكل، ثم أولاده واحدا بعد واحد، إلى أن خالط المملكة الديلم، ثم كان ملوك السامانية من الترك أيضا، فملكوا بلاد العجم، ثم غلب على تلك الممالك آل سبكتكين، ثم آل سلجوق، وامتدت مملكتهم إلى العراق والشام والروم، ثم كان بقايا أتباعهم بالشام، وهم آل زنكي، وأتباع هؤلاء، وهم بيت أيوب، واستكثر هؤلاء أيضا من الترك، فغلبوهم على المملكة بالديار المصرية والشامية والحجازية، وخرج على آل سلجوق في [ ج- 1][ص-383] المائة الخامسة الغز، فخربوا البلاد، وفتكوا في العباد، ثم جاءت الطامة الكبرى بالتتر، فكان خروج جنكز خان بعد الستمائة، فأسعرت بهم الدنيا نارا، خصوصا المشرق بأسره، حتى لم يبق بلد منه إلا دخله شرهم، ثم كان خراب بغداد وقتل الخليفة المستعصم آخر خلفائهم على أيديهم في سنة ست وخمسين وستمائة ، ثم لم تزل بقاياهم يخربون، على أن كان آخرهم اللنك، ومعناه: الأعرج، واسمه تمر؛ بفتح المثناة وضم الميم وربما أشبعت، فطرق الديار الشامية، وعاث فيها، وحرق دمشق حتى صارت خاوية على عروشها، ودخل الروم والهند وما بين ذلك، وطالت مدته، إلى أن أخذه الله، وتفرق بنوه البلاد.

وظهر بجميع ما أوردته مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: لا يوجد تخريج لهذا المتنإن بني قنطوراء أول من يسلب أمتي ملكهم ، وهو حديث أخرجه الطبراني من حديث معاوية، وكأنه يريد بقوله: "أمتي": أمة النسب لا أمة الدعوة؛ يعني: العرب. والله أعلم ". انتهى.

الحبشة والأحباش في التاريخ العربي الإسلامي الحلقة الثالثة بقلم د/ جلال الدين محمد صالح

الحبشة والأحباش في التاريخ العربي الإسلامي الحلقة الثالثة بقلم د/ جلال الدين محمد صالح
الحلقة الثالثة


أما إذا كان المقصود بأن هذه الرقعة الجغرافية المعروفة الآن بجمهورية السودان هي التي حملت اسم الحبشة فيما مضى من الزمان

وعليها نشأت حضارة الحبشة، ومنها بسط الأحباش ملكهم وسلطانهم إلى من حولها، وفيها قابل الصحابة ملك الحبشة النجاشي، فذلك أمر فيه نظر، وغير مسلم، لما في ذلك من مجافاة الحقيقة التاريخية، التي أجمع عليها المؤرخون، من أن الحبشة اسم لتلك القبائل السامية، التي عبرت البحر الأحمر، من الجزيرة العربية، وبنت حضارة أكسوم التاريخية، وبالإجماع أن تجراي هي أرض أكسوم، وليس شمال السودان، أو شرقه، أو غربه، أو جنوبه.

يقول المؤرخ البريطاني أ. بول في كتابه: (تاريخ قبائل البجا بشرق السودان ص 32): عبر السبئيون الذين كانوا يشكلون القوة الغالبة في جنوب الجزيرة العربية البحر الأحمر بحثا عن التجارة، واحتلوا جزيرة دهلك الساحلية، ومن ثم توغلوا إلى الداخل ليستقروا في أرض تقرنيا، [ يعني تجراي] الواقعة الآن فيما يعرف بإرتريا وإثيوبيا، كان ذلك بزمن سحيق من مجيئ المسيح، قد يكون ذلك في عام 1000 قبل الميلاد، أو عام 600 قبل الميلاد.".

ودهلك حاليا هي إحدى الجزر الإرترية في البحر الأحمر، يقول فيها ياقوت الحموي في معجم البلدان/ج2/492: "دهلك... اسم أعجمي معرب... وهي جزيرة في بحر اليمن، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة، بلدة ضيقة حرجة، كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها.

وقال أبو المقدام:

ولو أصبحت خلف الثريا لزرتها بنفسي ولو كانت بدهلك دورها.

وقال أبو الفتح نصر الله، بن عبد الله الإسكندري:

وأقبح بدهلك من بلدة فكل امرئ حلها هالك

كفاك دليلا على أنها جحيم وخازنها مالك.

وبقليل من التأمل في قول الحموي عن دهلك إنها: (مرسى بين بلاد اليمن والحبشة) ندرك أن الحبشة هي هذه الديار المجاورة لجزيرة دهلك الإرترية، والمعروفة اليوم بـ(إثيوبيا)، كما أن اليمن هو هذا اليمن المجاور لها أيضا، وهذا ما نشاهده بأم أعيينا، وتواطأ عليه جغرافيو العرب قاطبة، قديما وحديثا، من غير شذوذ ولا نكير.

وكتب ابن الجوزي كتابا سماه ( تنوير الغبش في فضل السودان والحبش) والعطف غالبا ما يقتضي المغايرة، بمعنى ان المعطوف يغاير المعطوف عليه، ولو أن السودان هم الحبش، والحبش هم السودان، لما كان لهذا العطف معنى ومدلول.

كما أن الحيمي الذي زار الحبشة في القرن السابع عشر الميلادي مبعوثا من إمام اليمن المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم (1645 ـ 1675 م ) إلى (فاسيلداس)، ملك الحبشة، عبر البحر الأحمر من مينآء مخة اليمني إلى ميناء بيلول الإرتري حاليا، قاصدا العاصمة (قندر) حيث يوجد الملك المذكور، دون رحلته هذه في مذكرة سماها (سيرة الحبشة)، ولم يسمها مثلا سيرة السودان.

ويقول بول أيضا نقلا عن بعض المؤرخين: " طرد الأحباش من سواحلهم العابقة بالبخور بالجزيرة العربية، وحرموا من أنشطتهم التجارية في قواردفوي، وبدأوا يبحثون لنفسهم موطنا جديدا في مرتفعات التقري [ يعني التجراي] حيث أسسوا سلطتهم في المدينة التي سميت فيما بعد بأكسوم." انظر ص 34

ويحدد الفترة التاريخية التي نشأت فيها مملكة أكسوم بقوله: ولكن الذي لا شك فيه أن مملكت أكسوم قامت حوالي عام 60 قبل الميلاد..." ص35.

ويسمي النجاشي الذي استقبل الصحابة المهاجرين إليه، فيقول هو: " (أرمها) الذي أعطى الحماية لأصحاب محمد، الذين هاجروا من مكة، واجتمعوا به في الفترة ما بين 610 ـ 629 م".

ويقول عنه في موضع آخر : " عدد ملوك أكسوم المعروفين لدينا قليل، منهم "أرمها" الذي استقبل وأعطى الحماية لأوائل المسلمين المهاجرين إليه..." /36

ويصفه بأنه " آخر ملوك أكسوم، الذين ذكرهم التاريخ... بعد ذلك ضعف نفوذ أكسوم وتلاشى مجدها، بسبب الهجمات العربية عام 640 م، والتي تسببت في القضاء على مينائها في أدوليس..."/41

أما المصادر العربية فتسميه أصحمة، حيث أورد ابن كثير في البداية والنهاية ج3 ص83 ذلك الخطاب الذي أرسله إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع عمرو بن الضمري، فقال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه، وكتب معه كتابا: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة، سلام عليك فإني أحمد إليك الملك القدوس، المؤمن، المهيمن، وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته القاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخته كما خلق آدم بيده ونفخته، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني، فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا، ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاؤوك فاقرهم ودع التجبر، فإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى.

وقد أجابه النجاشي معلنا إسلامه بقوله: وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقرينا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله، صادقا مصدقا، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين... المصدر نفسه/ 84

وتبعه على الإسلام نفر من قومه الأحباش، والراجح أنهم كتموا إسلامهم، كما كتم هو إسلامه، من هؤلاء جاريته ( أبْـرِهِـتْ) همزة مفتوحة، فباء ساكنة، وراء مكسورة، يليها هاء مكسور، بعده تاء ساكنة، وتكتبها المصادر العربية بتاء مربوطة، وهذا خطأ، لأنها علم على أنثى وكتابتها بالتاء المربوطة يجعل منها علما على مذكر، وثمة فرق بين ( أبرهة) أو ( أبرها) و(أبرهت)، ومعنى كل منهما بالعربية (أضاء)، و(أضاءت) مأخوذ في الأصل من البرهان، يقول الحبشي إذا ما طالبك بتوضيح الكلام: (أبْـرَهَـلَّـيْ) أي وضح لي.

ويسمي مسلمو الحبشة النجاشي بـ(أحمد النجاشي) وليس لهم من سند تاريخي يستندون إليه في تسميته بأحمد، وإنما هي حكايات يتناقلونها، وله قبر يزار في تجراي، ويشدون إليه الرحال، ولكن ليس من دليل يثبت أنه قبره الحقيقي، وكثير من القبور المنسوبة إلى الأنبياء، والأولياء، والأصفياء، في بلاد الإسلام، تقوم على مجرد دعاوى.

وإن كلمة ( النجاشي) لفظة (حبشية)، وهي لقب لمن ملك الحبشة، كقيصر لمن ملك الروم، وكسرى لمن ملك الفرس، وخاقان لمن ملك الترك، وفرعون لمن ملك مصر / ابن كثير: البداية والنهاية ج3/78.

وما زال الأحباش يلقبون الملك إلى يومنا هذا بـ( نجوس)، وكان آخر نجاشيهم الإمبراطور هيلي سلاسي يحمل لقب (نجوس نجستي) أي ملك الملوك، كما يسمون كل حاكم يحكم (نجاسي)، وفي أمثالهم يقولون: (زبرقت طحاينا، وزنجسى نجوسنا) كل شمس تشرق فهي شمسنا، وكل ملك يحكم فهو ملكنا، في إشارة منهم إلى قابلية التأقلم مع كل نظام سياسي.

ويرفض الدكتور عبد العزيز عبد الغني استاذ التاريخ بجامعة أفريقيا العالمية الخرطوم، في كتابه (أهل بلال) فكرة أن السودان هو الحبشة، ويعتبر القول بهذا وليد خلط في المعلومات التاريخية، عند بعض المؤرخين فيقول: ولعل ذلك الخلط في أذهان العرب بين الحبشة والسودان هو الذي ساق بعض المفكرين في العصر الحديث لاعتبار لقمان من أنبياء السودان، وبلال من مواطنيه، وجنح البعض منهم إلى القول بأن النجاشي كان من ملوك السودان./5

من أي ميناء خرج الصحابة في هجرتهم إلى الحبشة؟ ومن أي ميناء دخلوا الحبشة؟ من سواكن أم مصوع؟ وما هي الأحداث السياسية التي استهدفت حكم النجاشي خلال وجودهم؟ وكيف تعاملوا معها؟ هذا ما سنتناوله في الحلقة القادمة فتابع معنا؟

3/3/2006